prayer-times
prayer-times
prayer-times
مقالات وآراء

السادات ونادر وممدوح.. حكايات من زمن العبور

لم نكن أطفالًا عندما اندلعت الحرب وعبرنا القناة، بل كنا في مرحلة الانتقال من الطفولة إلى الشباب. عشنا سنوات شهدنا فيها الحزن على وجوه آبائنا وأمهاتنا، ورأينا الترقب والانتظار في عيونهم وقلوبهم لذلك، بدا يوم العبور كأنه يوم قيامة، ولا يزال عالقًا في ذاكرتي الفرح في وجه والدي وهو يصعد على السطوح بحثًا عن علامات الانتصار بعد سنوات من الانتظار.

كان يوم العبور يومًا طبيعيًا بالنسبة لنا؛ ذهبنا إلى المدرسة وعُدنا لتناول الغداء بينما كنا نتابع البيانات الأولية عن الاشتباكات، حتى جاء البيان السابع، الذي بشر بالعبور، صحيح أن أجواء الحرب لم تغادر البلاد منذ 5 يونيو، وحدثت مظاهرات في الجامعات تطالب الرئيس السادات بالحرب وتهاجمه وتنتقده ومع مرور السنوات، لم يتحقق عام الضباب أو عام الحسم، بينما كان الرئيس السادات يتحمل كل ذلك ويعد للحرب بصمت وتركيز، مما أوحى بأن قرار الحرب ليس وشيكًا، لم يعط انطباعًا بأنه سيقوم بذلك، خصوصًا أنه واجه الكثير من الشكوك والصعوبات في بداية حكمه بعد رحيل أسطورة جمال عبد الناصر، الذي ترك تأثيرًا كبيرًا وجمهورًا يشعر بالخوف والقلق.

جاء بيان العبور ليغير الصورة التي رسمت للرئيس السادات في أذهان الآباء الذين عاشوا مرارة الهزيمة. فقد ساهم هذا البيان في تعزيز شرعيته وكسب ثقة الناس من خلال خطابات مميزة ومعبّرة.

هذه الخطابات، التي كانت تحمل مقولات ومعانٍ عميقة، أصبحت مرجعًا بعد رحيل السادات، ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي أحاطت بفترة حكمه، إلا أنه لم يرَ ثمار جهوده، مما يستدعي إعادة تقييم دور السادات في تلك المرحلة الصعبة.

مع فرحة الأهالي والأمهات وكل المصريين في الشوارع، واحتفاء الجنود والضباط العائدين، كانت هناك أيضًا أفراح مضاعفة بين المهجرين من مدن القناة، الذين تم نقلهم إلى محافظات الدلتا، انتقل أهالي بورسعيد إلى مدارسنا، وتعرفنا عليهم واختلطنا بهم في المدارس والبيوت، من أصدقائي كانوا نادر وممدوح، وتبادلنا الزيارات وتشاركنا الفرح.

استقبلت مدينة بسيون في الغربية مئات المهجرين من بورسعيد والسويس، وسرعان ما اندمجوا في المجتمع، وظلت صداقتي مع نادر وممدوح ومحمد مستمرة، وواصلوا متابعة خطوات الرئيس السادات لافتتاح قناة السويس عام 1975، حتى بدأت عملية الإعمار وعادوا إلى بيوتهم.

ما زلت أذكر فرحة نادر وممدوح ورقصهم بعد بيانات العبور، مع اقتراب موعد عودتهم إلى بورسعيد. ورغم أن بعضهم لم يعودوا، إلا أن أيام العبور بقيت رمزًا للفرح والسعادة لآباء وأمهات المهجرين، الذين استعادوا بيوتهم، كما أصبحت مدن القناة رمزًا لصمود المصريين وقدرتهم على تجاوز الهزيمة واستعادة أيام النصر.

كل لحظة من تلك الأيام تحمل قصة وذكرى ودروسًا للحاضر والمستقبل، حيث كان المصريون قلبًا واحدًا في كل مكان، يحتفلون ويدعمون بعضهم البعض في مسيرة العبور نحو النصر.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى