
أشعل الفنان طه دسوقي حالة واسعة من الجدل بعد فقرة “ستاند أب كوميدي” قدّمها خلال افتتاح مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة، والتي ما زالت تتصدر مواقع التواصل ومحركات البحث منذ أيام، بعدما تضمّنت كلمات اعتبرها عدد من الصحفيين الفنيين إساءة مباشرة لمهنتهم، لما حملته من تهكم وسخرية على طبيعة عملهم الصحفي.

طه دسوقي يثير الجدل في الجونة.. أزمة جديدة بين الفنانين والصحفيين تتصدر المشهد
تحولت الفقرة الكوميدية إلى قضية رأي عام فني وإعلامي، بعدما عبّر عدد من الصحفيين عن استيائهم من الصورة “السطحية” التي قدّمها دسوقي عن الصحافة الفنية، لتفتح الأزمة الباب أمام نقاش أوسع حول تدهور العلاقة بين الفنانين ووسائل الإعلام، والتي بدت في السنوات الأخيرة أكثر توترًا من أي وقت مضى، حتى صار الوصول إلى الفنان لإجراء حوار مهني أمرًا بالغ الصعوبة.
الشناوي: بعض الصحفيين فقدوا دورهم في الدفاع عن المهنة
وفي تعليقه على الأزمة، قال الناقد الفني طارق الشناوي في تصريحات صحفية إن الخلاف بين الصحفيين ونجوم الفن ليس وليد اللحظة، بل يمتد إلى سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن هناك تقصيرًا من جانب بعض الصحفيين الذين سمحوا بتراجع مكانتهم وتركوا مساحة لشخصيات أخرى لتصبح وسيطًا بينهم وبين الفنانين، وهو ما ساهم في توسيع الفجوة وتعميق سوء الفهم بين الجانبين.
وأوضح الشناوي أن هذا الخلل أضعف من قيمة العمل الصحفي، وسمح بتشكيل صورة غير دقيقة عن الصحفيين، خاصةً لدى الأجيال الجديدة من الفنانين الذين لم يعيشوا عصر الصحافة الفنية الحقيقية التي كانت تقوم على الحوار والتحليل لا الترفيه والهزل.
سعد الدين: شركات العلاقات العامة خلقت فجوة و”سبوبة” بين الجانبين
من جانبه، يرى الناقد الفني أحمد سعد الدين أن جذور الأزمة تعود إلى طريقة إدارة التواصل الإعلامي في الوسط الفني، لافتًا إلى أن شركات العلاقات العامة أصبحت طرفًا أساسيًا بين الفنانين والصحفيين، وهو أمر طبيعي في العالم كله، لكن في مصر تحوّل هذا الدور لدى بعض الشركات إلى “سبوبة” هدفها جمع الأموال مقابل نشر أخبار ترويجية دون أي معايير مهنية.
وأضاف سعد الدين أن بعض الفنانين لا يعلمون حقيقة ما يدور خلف الكواليس، حيث تتدخل تلك الشركات في تحديد الجهات الإعلامية التي تظهر بها أخبارهم، متجاهلة مؤسسات صحفية أخرى، وهو ما أدى إلى تراجع الثقة وتآكل التواصل المباشر.
وأكد الناقد أن قوة السوشيال ميديا خلال السنوات الأخيرة ساهمت أيضًا في هذا التباعد، بعدما بات كثير من الفنانين يعتمدون على صفحاتهم الرسمية لنشر أخبارهم، متجاهلين الصحافة الفنية التي كانت سابقًا المنصة الأهم لعرض أعمالهم وتفاصيلهم الإنسانية.
جيل جديد وصورة مشوشة عن الصحافة
تسببت تلك التحولات في صورة ذهنية مغلوطة لدى بعض الفنانين الشباب، ومن بينهم طه دسوقي، تجاه الصحافة الفنية ودورها الحقيقي، إذ باتوا ينظرون إلى العمل الصحفي بوصفه “تطفلًا أو تهكمًا”، بينما كان في الماضي يمثل جسرًا حقيقيًا للتواصل والتقدير المتبادل بين الطرفين.
وبينما تستمر موجة الغضب على مواقع التواصل، يبقى السؤال الأهم:
هل ستدفع أزمة “طه دسوقي” الوسط الفني والصحفي لإعادة بناء الجسور المهدّمة بينهما؟ أم سنشهد فصولًا جديدة من التباعد وسوء الفهم بين “أهل الفن” و”أصحاب القلم”؟