
البكاء أثناء الصلاة أمر قد يمر به الكثيرون، خاصة عند التأثر بآيات القرآن الكريم أو استشعار عظمة الله. لكن هل هذا البكاء يؤثر على صحة الصلاة؟ وما الفرق بين البكاء الناجم عن الخشوع والبكاء بسبب أمور دنيوية؟
حكم البكاء أثناء الصلاة
1. البكاء من خشية الله والخشوع في الصلاة
إذا كان البكاء ناتجًا عن الخشوع والتأثر بمعاني القرآن أو تذكر عظمة الله والآخرة، فإنه لا يبطل الصلاة، بل يعد من علامات الإيمان والخضوع لله. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه بكى في صلاته، كما بكى الصحابة عند سماع القرآن. يقول الله تعالى:
“وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا” (الإسراء: 109)
2. البكاء بسبب أمور دنيوية أو بصوت عالٍ
أما إذا كان البكاء بسبب حزن على أمر دنيوي، أو كان بصوت مرتفع يشبه النحيب أو تخلله كلام مفهوم، فقد اختلف العلماء في حكمه:
• إذا كان بدون تعمد وبلا كلام واضح: فإن الصلاة صحيحة، لكن يُستحب للإنسان أن يحاول ضبط مشاعره.
• إذا كان بصوت مرتفع أو نطق بكلمات مفهومة: فيبطل الصلاة عند جمهور الفقهاء، لأن الكلام في الصلاة يفسدها.
أدلة من السنة وأقوال العلماء
• عن عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه قال: “أتيتُ رسولَ الله ﷺ وهو يُصلِّي، ولجوفُه أزيزٌ كأزيزِ المِرجَلِ من البكاءِ.” (رواه أبو داود والنسائي)
• قال الإمام النووي: “البكاء إن كان بصوت، فإن لم يكن بحروف لم تبطل الصلاة، وإن بان حرفان بطلت عند الشافعية وغيرهم.”
• قال ابن قدامة: “إن غلبه البكاء فلم يملك نفسه فلا تبطل صلاته، لأنه ليس من جنس الكلام.”
كيف يتحكم المصلي في البكاء أثناء الصلاة؟
• تذكر أن الصلاة مقام مناجاة الله، وحاول التركيز على معاني الآيات دون الانفعال المفرط.
• إذا شعرت بأنك على وشك البكاء بصوت عالٍ، فحاول تهدئة نفسك بالتنفس العميق.
• اجعل بكاءك في حدود التأثر والخشوع، وليس النحيب الذي قد يشوش على صلاتك أو صلاة من حولك.