
في واحدة من أكثر القصص المؤثرة المرتبطة بكارثة سفينة “تيتانيك” الشهيرة، يبرز اسم ميلفينا دين كآخر من بقي على قيد الحياة من بين الركاب الذين كانوا على متن السفينة المنكوبة عام 1912، رغم أنها لم تتذكر شيئًا من الحادث لأنها كانت رضيعة لم يتجاوز عمرها الشهرين حين وقعت المأساة.
وُلدت ميلفينا دين في 2 فبراير 1912 في إنجلترا، وكانت الأصغر سنًا بين ركاب السفينة تيتانيك، التي أبحرت في رحلتها الأولى والأخيرة من ساوثهامبتون إلى نيويورك في أبريل 1912.
كان والدها بيرترام دين قد قرر الهجرة مع عائلته إلى أمريكا، على أمل بداية حياة جديدة في ولاية كانساس حيث خطط لافتتاح متجر تبغ.
استقلّت العائلة السفينة الشهيرة على متن الدرجة الثالثة، لكن خططهم اصطدمت بالمصير المأساوي عندما اصطدمت تيتانيك بجبل جليدي في ليل 14-15 أبريل، وغرقت في مياه المحيط الأطلسي، مما أودى بحياة أكثر من 1500 شخص.
في تلك الليلة، تمكّنت والدة ميلفينا من الصعود إلى أحد قوارب النجاة مع طفليها، بينما بقي الوالد على متن السفينة وغرق مع الغارقين، وهكذا كُتب لميلفينا النجاة من الحادث، رغم أنها كانت أصغر الناجين سنًا.
عادت ميلفينا ووالدتها وأخيها إلى إنجلترا بعد الحادث، ولم يعلم الأطفال في البداية تفاصيل الحادث المأساوي الذي مرّوا به، حتى كبرت ميلفينا واكتشفت أنها كانت على متن أشهر سفينة غرقت في التاريخ.
لم تتزوج ميلفينا قط، وكرّست حياتها للعمل كمساعدة إدارية ومصممة خرائط أثناء الحرب العالمية الثانية، وعاشت حياة بسيطة وهادئة.
ومع مرور الوقت، أصبحت تحضر المناسبات والفعاليات المتعلقة بالتيتانيك، خصوصًا مع تصاعد الاهتمام العالمي بالسفينة بعد اكتشاف حطامها في الثمانينيات، ثم مع عرض الفيلم الشهير “Titanic” عام 1997، والذي أعاد تسليط الضوء على الناجين من الحادث.
في السنوات الأخيرة من حياتها، عانت ميلفينا من مشاكل صحية، واضطرت إلى بيع بعض ممتلكاتها الخاصة المرتبطة بالتيتانيك لتغطية تكاليف علاجها، منها حقيبة سفر كانت قد استُخدمت عند عودتهم إلى بريطانيا بعد الكارثة. أثار هذا الموقف تعاطف العالم معها، خصوصًا محبي التيتانيك، وتم إطلاق حملة تبرعات لمساعدتها.
ومن بين المتبرعين البارزين كان نجوم الفيلم “Titanic”، مثل ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت، بالإضافة إلى المخرج جيمس كاميرون، حيث قدموا آلاف الدولارات لدعمها في أيامها الأخيرة.
توفيت ميلفينا دين في 31 مايو 2009، عن عمر ناهز 97 عامًا، في دار رعاية في هامبشاير بإنجلترا، وبوفاتها طُويت آخر صفحة بشرية حية في قصة التيتانيك. حسب وصيتها، تم حرق جثمانها، ونُثرت رمادها في البحر، في مشهد رمزي مؤثر يربط بين بدايتها في الحياة من على متن السفينة، ونهايتها في حضن المحيط.